الاثنين، 28 مارس 2011


على طريق الخلاص
وصفة تونسية لاسقاط الديكتاتورية اليمنية    30/1/2011م 
مقالة  نشرت بجريدة اليقين اليمينة باسم مستعار

*الى المناضلة توكل كرمان التي مافتئت تشعرنا بوفرة عجزنا وقلة حيلتنا.

لا النظام اليمني استوعب الدرس من مالات النظام التونسي وبالتالي رفع سقف توقعات شعبه منه بمبادرات تقطع الطريق على التغيير العنيف والعالي الكلفة على النظام والمجتمع , ولا المعارضة اليمينة استطاعت ان تستلهم ما يفيدها في اسقاط نظام هو الاسوأ بمراحل من النظام التونسي في حال حاكمنا ماقدمه النظام التونسي من مكتسبات اقتصادية واجتماعية ومدنية لشعبه, وبغض النظر عن قمع الحريات السياسية التي تساوينا فيها مع تونس في السنوات الاخيرة.
عموما قد يكون لدروس النظام مناسبات اخرى لكن دعونا نستلهم بعض الافكار التي من الممكن ان تساعد القوى السياسية والمجتمعة والمدنية في اسقاط هذا النظام الذي جمع في طياته اسوأ مافي الانظمة العربية دون ان يكون له ايا من حسناتها .
فاذا كانت المعارضة قد قررت فعلا النزول فعليها ان تدرك القاعدة الذهبية في اسقاط الديكتاتوريات وهي الامتداد الافقي والعمودي للاحتجاجات على كل الساحة الوطنية دون استثناء وبمتوالية زمنية لاتنقطع حتى تحقق كل اهدافها.
طبعا من المتوقع ان تكون يد القمع اشد بطشاً وفي هذا السياق يجب مواجهة هذه اليد الطولى باللامركزية النضالية لجميع اطياف المعارضة والقوى السياسية والمدنية في اليمن, والخطوة الاولى في هذا السياق ان على احزاب المعارضة ان تعطي كامل الحرية للقيادات الوسطية في المحافظات بان تتخذ قراراتها المستقلة بالنزول الى الشارع وفقا لتقديراتها الخاصة ودون الرجوع الى اخذ الاوامر من القيادات المركزية في صنعاء.
توسيع الاحتجاجات في كل المحافظات والمديريات هو ماسيقلب المعادلة لصالح المعارضة والقوى الحية في المجتمع مع التراكم الزمني المتواصل والحفاظ على سلمية التحركات وسيزيل من مخاوف التغيير وتحفظاته خصوصا انه سيترافق في الحالة اليمنية مع حالة ترحيب دولي متوقع ومرحب به على خلفية الدروس التونسية والمصرية, وبعد ان اصبح هذا النظام يشكل عبئا على الخارج الاقليمي والدولي وهو ماعبرت عنه مسبقاً وثائق ويكليكس والتطورات الدبلوماسية المنفتحة على المعارضة مؤخرا .
في مصر استوعبت الفاعليات والقوى المصرية هذا الدرس ولم نعد نرى فقط تلك المظاهرات المعتصمة على مدرجات نقابات المحامين والاطباء والصحافيين بل انطلقت الى كل المحافظات وسرعان ماتاخذ شكل ماحدث في تونس وهو ماجعل الامور تنفلت من ايدي النظام البوليسي بصورة لم تكن عليها منذ ثلاثون عاماً.
في الجزائر لم تستوعب بعد القوى الحية والمعارضة ذلك واصبحت التجمعات مقتصرة على التجمعات في العاصمة الجزائر وفي اوقات متقطعة وهو مالم يسهم في خلق التراكم المطلوب لتحقيق التغيير وطرح الخيارات البديلة.
على المعارضة اليمنية ان تدرك ان الشارع في ابسط معانيه هو خروج اولا عن تلك القواعد التي حددها النظام المستبد للعبة السياسية وهي قواعد منحازة بشكل كلي لصالحه حيث ضبطت ايقاع المجتمع في الدستور والقانون المفصل لصالحه واصبحت متذرعة بحمايتهما وهذا التجاوز لقواعد هذه اللعبة غير المتكافئة هي الخطوة الاولى لاحداث التغيير حتى وان وصل ذلك الى مرحلة التجاوز لحالة اعلان الطوارئ و حظر التجوال التي من المتوقع ان تستخدم كاخر الحلول كمحاولة لضمان ديمومة الحكم اومنظومته على الاقل.
 في هذا السياق على المعارضة ان تدرك كما يدرك النظام ذلك تماما ان تكلفة القمع اليوم اصبح عاليا ومرتفع الثمن على جميع المستويات داخليا وخارجيا, وان يد البطش لم تعد متناهية بحيث تستطيع ان ترخي ليدها العنان في ان تفعل ماتشاء بشعبها, واذا كانت كلفة التغيير في العقود الماضية تحتاج الى الاف اوعشرات الاف الضحايا فان كلفة التغيير اصبحت اليوم اقل من ذلك بكثير, ووصول ارقام الضحايا في الاحتجاجات السلمية حين يبداء بتخطي حاجز العشرات نرى العالم كله يضغط اكان ذلك الضغط قادما من المؤسسات اومن الجماعات الحقوقية والمدنية او من الافراد .
الشارع ليس تلك المهرجانات في الملاعب المغلقة والتي تتم بناء على تصريح من السلطة متى ماشات قدمتها ومتى ماشاءت منعتها, وهو ليس تلك المسيرات المتقطعة من وقت لاخر بحسب المزاج السياسي لايصال الرسائل للطرف الاخر وينتهي بمجرد الحديث عن جولة جديدة من الحوار مع اطراف السلطة. فهذا شارع زائف ومعارضة مدجنة ومحصورة زمنيا وهو شارع يخدم الحاكم لانه مسيطر عليه اولا ولان ارتدادته ضغيفة و الحاكم يسوقها باعتبار انه يضمن حرية التعبير ويستغلها في صالحه. كما ان هذا الشكل من المهرجانات من الممكن استنساخه من قبل النظام وتسويقه اعلاميا وهو الشئ المتعذر في حال كان شارعا حقيقا  بحسب الملامح التي اوردناها له.
انتهى وقت ارسال الرسائل الى النظام واصبحنا في مرحلة كسر العظم وعلى المعارضة ان تدرك انها لو استدرجت الى صالات الحوار مرة وخذلت الشارع وتعاملت معه باحتقار كما في مرات سابقة فان عواقب هذا الاستخفاف بالجماهير ستكون وخيمة عليها, حتى وان اضطرت الى الرجوع الى الحوار وقدرت وجود ضمانات قوية فان عليها الاستمرار في الشارع على ان لايهدأ هذا الشارع الا بعد تحقيق الحد الادنى من مطالب الجماهير وبالحدود الدنيا من الضمانات.
على المعارضة ان تدرك انها ستدفن مستقبلها بجوار النظام ان لم تجار الشارع والجماهير في حجم تطلعاته, والشهور المقبلة ليست مهلة اخيرة فقط للسلطة السياسية  الحاكمة وانما كذلك للمعارضة التي سينتهي دورها بحكم فقدان الثقة بها جماهيرياً حين يتجاوزها الشارع كما حصل في تونس ويحصل حالياً في مصر.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق